تابع آخر أخبار ريال مدريد على الشبكات الاجتماعية

RSS



في خضم أزمة اقتصادية طاحنة، ينتظر شعب البرتغال بارقة أمل تخفف عنه همومه ولو مؤقتا تتمثل في تحقيق منتخب بلاده إنجازا في بطولة كأس الأمم الأوروبية، وأن يرفع سقف طموحه لما هو أبعد من مجرد التمثيل المشرف كما هو معتاد.

عهدت الكرة البرتغالية تاريخا عريقا شهد ميلاد نخبة من أمهر نجوم العالم، لكنهم غابوا عن منصات التتويج ولم يكتب لهم الفوز ولو ببطولة واحدة، بل اكتفوا فقط بتقديم كرة جمالية وممتعة جعلت بلدهم الصغير جديرا بلقب برازيل أوروبا.

ولعل الإنجاز الأبرز للبرتغال هو المركز الثالث في مونديال 1966 بإنجلترا، في أول ظهور رسمي بكأس العالم، في بطولة سطع فيها اسم الأسطورة إوزيبيو بيليه أوروبا.

وبعد 40 عاما تكرر إنجاز الوصول إلى نصف نهائي مونديال 2006 بألمانيا، وإن كانت كتيبة المدرب البرازيلي المخضرم لويس فيليبي سكولاري قد اكتفت بالمركز الرابع هذه المرة مع من تبقى من الجيل الذهبي ليورو 2000 مدعومين بأسطورتهم الجديدة كريستيانو رونالدو.

أما على الصعيد القاري فلعل الإنجاز الأهم هو تحقيق المركز الثاني في يورو 2004 بعقر دارهم تحت قيادة سكولاري أيضا، وهو أقرب للإخفاق منه إلى الإنجاز، فقد خسرت البرتغال بين جماهيرها أمام منتخب اليونان المغمور في النهائي تماما كما خسرت منه في المباراة الافتتاحية، لتكون شاهدة على واحدة من أكبر المفاجآت في تاريخ الساحرة المستديرة.

ولم تهنأ البرتغال بألقاب قارية أو دولية سوى على يد منتخب الشباب المتوج ببطولتي عالم عامي 1989 و1991 ، فضلا عن إنجازات قطبي أنديتها بورتو وبنفيكا.

وبعيدا عن حسابات الماضي فإن أبناء شبه الجزيرة الأيبيرية بصدد تحد عصيب في يورو 2012 بعد أن أوقعتهم القرعة في مجموعة الموت الثانية التي تضم ألمانيا وهولندا المرشحتين بقوة للقب، بجانب الدنمارك التي تفوقت عليهم في التصفيات.

ورغم صعوبة المهمة وتعقد الحسابات، فإن المدرب باولو بنتو (42 عاما) كان جريئا حين أكد أنه يضع عينيه على النجمة الأولى في تاريخ منتخب بلاده، ووافقه الرأي القائد كريستيانو رونالدو الذي لا يرى بديلا عن الكأس.

ويطمح بنتو في إكساب لاعبيه صبغة الجرأة، على نقيض سلفه كارلوس كيروش الذي اتُهم بالجبن من بني وطنه ومن كريستيانو نفسه.

وكان كيروش يعلق الأداء المخيب للمنتخب في عهده على شماعة عدم وجود دكة بدلاء على درجة عالية من الكفاءة لتكون خير عون وإمداد لنجوم الصف الأول، وهو ما برر به الخروج من مونديال 2010 بجنوب أفريقيا من دور ال16 على يد إسبانيا.

وترك كيروش المهمة قبل نحو عامين بعد واقعة سبه لأحد أعضاء الوكالة البرتغالية لمكافحة المنشطات أثناء خضوع لاعبيه لاختبار.

وعلى خلاف كيروش، بدا بنتو واثقا في نفسه وفي قدرته على إتمام المهمة بنجاح، فصرح بأن هدفه الأول هو بلوغ دور الثمانية متخطيا مجموعته النارية، ومن بعدها التحليق بعيدا إلى أبعد نقطة، كما أنه يرى أن بطل يورو 2012 سيخرج بنسبة كبيرة من المجموعة الثانية.

وأثار بنتو عاصفة من الجدل حول علاقته بالحرس القديم، خاصة بعد أن استبعد مدافع ريال مدريد المخضرم ريكاردو كارفاليو ورفيقه السابق جوزيه بوسينجوا المتوج مع تشيلسي الإنجليزي بدوري أبطال أوروبا بعد خلاف شديد معهما، وسط تبادل الاتهامات بعدم الاحترام، حتى أعلن الثنائي اعتزالهما دوليا لحين رحيل المدرب.

وبالنظر إلى المعترك الأخير الذي نجت منه البرتغال في سبيل حجز بطاقة العبور إلى أراضي بولندا وأوكرانيا، فإن منتخب بنتو ذاق الأمرين في التصفيات، حيث انتزعت منه الدنمارك صدارة المجموعة لتتأهل مباشرة لليورو، فيما اضطر هو لخوض الملحق مع البوسنة، الذي تعادل معها سلبيا في الذهاب واكتسحها إيابا 6-2 ليصبح آخر المتأهلين.

كانت ثقة الرأي العام في بنتو قد اهتزت في منتصف طريق التصفيات، حتى أن الأصوات تعالت لاستدعاء الداهية جوزيه مورينيو ولو مؤقتا لانتشال بلاده من أزمتها.

لكن بنتو، أحد نجوم الجيل الذهبي مطلع الألفية الجديدة، صمم على الوفاء بوعده في التأهل لليورو بعد أن كان منتخبه قابعا في المركز قبل الأخير مع كيروش، حتى مدد عقده حتى مونديال البرازيل 2014.

وتسلط الأضواء بطبيعة الحال على ماكينة الأهداف والفتى الذهبي كريستيانو رونالدو الذي يحمل على عاتقه آمال وطموحات شعبه، لا سيما أنه يعيش أوج تألقه مؤخرا، كما يعي جيدا أن التتويج بكرته الذهبية الثانية والتفوق على غريمه الأرجنتيني ليونيل ميسي مرهون بتحقيق نتيجة طيبة مع منتخب بلاده.

لم يقدم كريستيانو الكثير للمنتخب وظهر كالشبح في الحقبة السابقة لكيروش الذي كان على خلاف معه بسبب تحفظه الدفاعي وتقييده لحركته رغم أنهما تعاملا سويا في مانشستر يونايتد الإنجليزي حين كان الأخير مساعدا للسير أليكس فيرجسون.

وفي عهد كيروش اكتفى رونالدو بتسجيل هدفين فقط في غضون عامين كاملين، ليتحمل ابن ماديرا اتهامات مستمرة بانعدام الانتماء واهتمامه بتسريحات شعره أكثر من نداء الوطن، بينما يحقق المجد لكل الفرق التي لعب لها في البرتغال وإنجلترا وإسبانيا.

لكن رونالدو (27 عاما) اكتسب شخصية ناضجة مع بنتو تجلت واضحة في مباريات التصفيات، ليمحو من الذاكرة مشاهد بكائه المرير في نهائي يورو 2004 ، وادعائه الإصابة ليتسبب في طرد زميله واين روني في مباراة إنجلترا بربع نهائي مونديال 2006 ، وبصقه على الكاميرا عقب الخسارة من إسبانيا في ثمن نهائي مونديال 2010 ، وغيرها من الأفعال الصبيانية.

ويعد الدون اللاعب الأكثر مشاركة في مباريات دولية من الجيل الحالي والأكثر تسجيلا للأهداف أيضا، وقد منحه بنتو كامل الحرية في الانطلاقات على الجانب الأيسر من المستطيل الأخضر والتوغل إلى العمق الهجومي.

ويحظى بنتو بعلاقة قوية بكريستيانو منذ أن تابع تألقه وهو ناشئ صغير في أكاديمية سبورتنج لشبونة، وأقوى دليل على التفاعل الكيميائي بينهما هو تسجيله تسعة أهداف في أول 11 مباراة في حقبة المدرب الشاب، ليثبت أحقيته بشارة القيادة.

والحقيقة أن كريستيانو تحمل المسئولية الوطنية في سن باكر، وبالتحديد حين تسلم اللواء من لويس فيجو وروي كوستا في يورو 2004 في سن ال19 ، لكنه كان تعيس الحظ في مختلف البطولات الكبرى التي شارك بها منذ ذلك الحين.

ويبرر الخبراء ذلك بالضغط الهائل الواقع على عاتق رونالدو ومقارنته المستمرة بإوزيبيو، كما هو الحال مع ميسي الذي يطارده دوما شبح مارادونا.

وجمع اللاعب الأغلى في العالم أسلحته لتحقيق حلم التتويج القاري، بما فيها سرعته الفائقة ومهاراته الرائعة في المراوغة وتسديداته الصاروخية وبراعته في هز الشباك وإيثار العمل الجماعي على الفردي، وفوق ذلك معنوياته المرتفعة بعد رفع كأس الدوري الإسباني مع الأبيض الملكي.

ورغم ذلك فإن بنتو أكد في أكثر من مناسبة أن منتخبه لا يعتمد على لاعب بعينه، ولن يحمل رونالدو فوق طاقته، وسيعطي دورا محددا لكل لاعب.

ومما يعزز فرص رونالدو في التألق باليورو تفاهمه مع زميله بالريال الظهير الأيسر فابيو كوينتراو، رغم أن الأخير ظهر بأداء متذبذب مع الفريق الملكي، لكن في المباريات الدولية يبدو متعاونا للغاية مع اللاعب الأفضل في العالم عام 2008، وخاصة أنهما يرتبطان بصداقة حميمة خارج الملعب.

كما يسعى نجم الشياطين الحمر لويس ناني لأخذ نصيبه من التألق في الرواق الأيمن، فيما سيثبت راؤول ميريليش أقدامه كصخرة في خط الوسط منتشيا بمعنويات مرتفعة بعد أن توج بدوري الأبطال مع تشيلسي، ويرافقه جواو موتينيو نجم وسط بورتو بطل الدوري المحلي.

وفي خط الدفاع يشكل بيبي، أحد الأعمدة الرئيسية في ريال مدريد، وبرونو ألفيش مدافع زينيت سان بطرسبرج الروسي، ثنائيا قويا يجمع بين القوة والخبرة، إضافة الى ريكاردو كوستا مدافع فالنسيا، ورولاندو نجم الخط الخلفي لبورتو.

أما مركز رأس الحربة الصريح فيبدو نقطة ضعف في المنتخب البرتغالي منذ عقود، والمهمة هذه المرة سيتكفل بها هوجو ألميدا مهاجم بيشكتاش التركي أو هيلدر بوشتيجا لاعب ريال ساراجوسا الإسباني.

جمهور البرتغال لا يستبشر خيرا من منتخبه بعد أن توالت عليه الصدمات على مدار التاريخ، لكنه يحتفظ ببصيص الأمل في حدوث مفاجأة تهون عليه من فاجعته الكروية قبل المالية. 

  • Digg
  • Del.icio.us
  • StumbleUpon
  • Reddit
  • RSS

0 التعليقات:

إرسال تعليق

عبر عن رأيك المدريدي