قبل نحو عام استلم لوران بلان تدريب منتخب فرنسي قيد الانشاء. كان يتعيّن عليه أن يعيد البريق إلى هذا الفريق، ويساعده على التأهل إلى كأس اوروبا 2012 لقد نجح بلان في تحويل الديوك إلى منتخب جذاب وقادر على المنافسة وذلك خلال 12 شهراً. ولا شك بأن هذه العودة إلى الضوء تحمل بصمة المدرب.
واذا كان بلان يعشق التحدّي، فذلك لأنه ينشد الانتصارات. فبعد مسيرة مظفرة مليئة بالالقاب المحلية والقارية والعالمية، نجح هذا المدافع السابق الذي يُطلق عليه تيمناً لقب الرئيس في الانتقال إلى مجال التدريب، وقد حقق نجاحات كبيرة حتى الآن. فبعد أن عُيّن مدرباً لبوردو، اختير في موسمه الاول معه مدرب العام في الدوري الفرنسي موسم 2007-2008، قبل أن يقوده في الموسم التالي إلى اللقب المحلي. ويبدو أن ثوب المدرب الوطني يليق به تماماً.
ويقول بلان ما يهمّني هو التأهل فقط إلى كأس اوروبا، هذا كل ما طلبه مني المسؤولون! ويبدو أن بلان في طريقه إلى تحقيق هذه المهمة: ففريقه يحتلّ المركز الأوّل في المجموعة الرابعة ويبدو في وضع جيّد لانتزاع البطاقة المؤهلة إلى النهائيات. وقد أجرى معه موقع الاتحاد الدولى لكرة القدم مقابلة حصرية تحدّث فيها عن عامه الأوّل على رأس الجهاز الفني للمنتخب الازرق.
سيد بلان، بعد عام على تعيينك مدرباً لمنتخب فرنسا، هل تعتبر نفسك بأنك عرفت أسرار المدرب الوطني؟
بالطبع لا. على أية حال لا أعتقد بان هذا الامر ممكن. حياة المدرب الوطني ليست طويلة كما هي حياة مدرب النادي. بالطبع هناك مدربون أكثر خبرة مني. لكن لا يهمّني أن أعرف كلّ خفايا هذه المهنة عن ظهر قلب، بل ما يهمّني هو التأهل إلى كأس أوروبا فقط. لا ينفع أن تعرف كلّ خفايا اللعبة اذا فشلت في مهمة مساعدة فريقك على التأهل! هذا كل ما طلبه مني المسؤولون مني. الشيء الاهم هو العمل بطريقة جيدة وتنفيذ ما نريد القيام به.
بعد أن امضيت عاماً على رأس الجهاز الفني للمنتخب الفرنسي، هل باستطاعتك مقارنة مهمة المدرب الوطني بمهمة مدرب النادي؟
لا علاقة بالمنصبين على الاطلاق. انهما منصبان مختلفان تماماً. عندما تشرف على تدريب أحد الاندية، فان اللاعبين بتصرفك يومياً. تستطيع أن تسعدهم على تطوير مستوياتهم، التحدث اليهم وتبادل الكلام. أما بالنسبة إلى المدرب الوطني فهذا الامر مستحيل. لنأخذ مثلاً ملموساً. في المباراة ضد تشيلي، وصل اللاعبون في الساعة الواحدة بعد ظهر الاثنين، وكنا نخوض المباراة يوم الاربعاء في الساعة التاسعة مساء. ماذا يمكن أن اطبق خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة؟ باستثناء جعل اللاعبين يرتاحون بعض الشيء وأن اطلب منهم تنفيذ خطة معيّنة من اللعب ومن الحياة. لا نستطيع القيام بأشياء اكثر من ذلك، فنحن نحتاج إلى الوقت. مهمة المدرب الوطني أصعب بكثير من مهنة مدرب النادي: نطلب من المدرب الوطني أن يفوز، لكن مدرب النادي يملك متسعاً من الوقت لتنفيذ هذا الهدف.
هل تشعر بالأسى جراء هذا الامر؟
انه واقع، وجميع المدربين يدركون هذا الامر. بعد ذلك، يجب أن يكون المدرب الوطني محظوظاً بامتلاك فريق يستطيع المنافسة بأسرع وقت ممكن. هذا ليس واقع المنتخب الفرنسي، وبالتالي نحتاج إلى المزيد من الوقت. لا شيء سهلاً. نحن في طور البناء حالياً حيث لم نعد ضمن نخبة المنتخبات الأوروبية أو حتى العالمية، والأمر معقد بعض الشيء.
قلت مؤخراً بأن نواة في المنتخب بدأت تتشكّل، هل تعتقد بأن الوقت يقف إلى جانبك؟
استطيع التأكيد بأن نواة ما بدأت تتشكّل في صفوف المنتخب الفرنسي، لكني لم أحدد اي مهلة معيّنة. الاستحقاق الاهم بالنسبة إلى المجموعة والاتحاد والناس الذي يحبّون كرة القدم هو كأس اوروبا. بناء فريق يستغرق الكثير من الوقت، وفي بعض الاحيان يستغرق وقتاً طويلاً لا يتسنى خلاله من تشكيل فريق! (يضحك). نحاول التقدّم خطوة خطوة. نحن في صدد خلق نواة لكن الشيء الاهم هو الفوز في المباريات لأنه يسرّع الأمور.
ممن تتشكّل هذه النواة؟
تتشكّل من خمسة إلى ستة لاعبين. إذا اعتمدنا على التشكيلات التي اخترتها منذ بداية مهمتي، نستطيع الاستنتاج بان بعض اللاعبين تواجدوا دائماً ضمن هذه التشكيلة. وهذا مؤشر جيد بالنسبة اليهم، لكن لاشيء نهائيا على الاطلاق. يتعيّن علينا ان نمنح الفرصة للاعبين شبان و إلى لاعبين يجتازون فترة يتألقون فيها. هذا الأمر في غاية الاهمية لخلق نوع من التنافس المتسمر. عندما تكون واثقاً من استدعائك إلى صفوف المنتخب فانك لا تعد تملك الحافز وهذا أمر نسعى إلى تحاشيه.
توجت بطلاً للعالم عام 1998 كلاعب، هل تحاول أن تعتمد على نفس الوصفة، وما هي تلك الوصفة؟
كرة القدم تتغيّر مع كل حقبة. في رياضية جماعية يتعيّن أن تملك مواهب فردية، لكن الأهم يجب أن تضع هذه الموهبة في خدمة المجموعة وليس العكس. لقد رأينا بأن العكس خطير جداً، وهذا جزء مما حصل في جنوب افريقيا قبل عام. الموهبة إذاً هامة لكن يجب خلق روح جماعية وهذا الامر في غاية الاهمية لتحقيق الانتصارات وإحراز الألقاب. يجب العمل على هذه النقطة بالذات.
ما هي اجواء المجموعة التي يشرف عليها لوران بلان؟
عندما تقوم بجولة يتسنى لك الوقت لكي تحكم على هذه النقطة. ففي ثلاثة ايام يمرّ الوقت بسرعة بعض الشيء! وهذا كان هدف جولتنا في شرق أوروبا في يونيو/حزيران الماضي. وعلى الرغم من اننا نأسف لنتيجتنا أمام روسيا البيضاء، فان روح المجموعة والجهاز الفني كان رائعاً. والواقع بان هذا النوع من المعسكرات يسمح بتعميق أواصر التضامن بين مختلف افراد الفريق. سنحاول تجديد هذه التجربة.
قال زين الدين زيدان بان رافائيل فاران مدافع ريال مدريد الجديد، يملك الامكانيات لكي يصبح لوران بلان الجديد. برأيك هل يوجد في فرنسا زيدان جديد؟
بالطبع نودّ لو نجد زيدان جديداً، وبارتيز آخر. لكن يجب الا نعيش في الماضي، بل في الحاضر والمستقبل. نملك لاعبين شبان جيّدين لكن بحسب رأيي لا نملك حتى الآن لاعبين تألقوا بشكل كبير كما فعل زيدان في إحدى الحقبات. ننتظر من هؤلاء أن يتألقوا في الاندية الكبرى. سيكون الامر رائعاً بالنسبة اليهم ولأنديتهم وللمنتخب الوطني. أما بالنسبة إلى لاعب ريال مدريد فاعتقد بانه يملك الامكانيات لكنه ليس الوحيد. لديه ميزات وآمل أن تسنح له الفرصة لكي يلعب ويواصل مسيرته التصاعدية. لكن لدي بعض الشكوك.
بالحديث عن اللاعبين الشبان، لا شك بأنكم تعرفون جيداً نيمار وجانسو ولوكاس؟
يتمحور الحديث دائماً حول هؤلاء! انهم لاعبون جيدون لكننا نستطيع القول بأن المنتخب البرازيلي يجد صعوبة في بناء فريق متجانس من الناحية الجماعية على الرغم من هذه المواهب الفردية. يجب العودة إلى كوبا أمريكا الاخيرة، التي اثبتت بأن مهما كان اللاعبون يتمتعون بموهبة عالية فانهم لا يستطيعون بالضرورة صناعة فريق كبير. لقد أكّد هذا الأمر منتخبا الأرجنتين والبرازيل. الموهبة وحدها لا تكفي على الرغم من أنه يتوجّب أن تكون موجودة لصناعة فريق كبير. لكن عندما تملك الموهبة، فليس بالضرورة ان يكون لديك فريق كبير.. لحسن الحظ والا لكان المنتخب البرازيلي لم يكتف بالفوز بكأس العالم خمس مرات بل عشر مرات! (يضحك)، يتعيّن عليهم أن يتركوا اشياء صغيرة للآخرين.
0 التعليقات:
إرسال تعليق
عبر عن رأيك المدريدي